سياسيون وأكاديميون ومحللون :مشروع الدولة الاتحادية الضمانة الوحيدة للاستقرار والتنمية في اليمن وتنفيذه أمر حتمي لا تراجع عنه
الاربعاء 15 أغسطس 2018 الساعة 22:18
الحكمة نت

 

 

 

إشهار «إقليم الجند» في الوقت الحالي يعد سلاح ناجعا للقضاء على ميليشيا الحوثي الانقلابية

- الرعيني: فكرة الدولة الاتحادية لم تكن عشوائية بل درست بعناية كطريق لمعالجة إشكاليات الماضي وبناء المستقبل

- الحميري: انقلاب ميليشيا الحوثي جاء نتيجة تعارض مشروع الدولة الاتحادية مع مشروعها الطائفي 

- الكمالي: النظام الفيدرالي يعمل على تجديد روح المنافسة وضبط معايير الكفاءة والاختيار دون اللجوء إلى العنف

- قاسم: الدولة الاتحادية هي الحل الجذري الأمثل لمشاكل اليمن شمالا وجنوبا 

- المخلافي: الأنظمة الفدرالية من أكثر الأنظمة نجاحا على مستوى العالم 

- الياسري: الدولة الاتحادية أمر مصيري وهو الطريق الوحيد للحفاظ على وحدة الوطن ونسيجه الاجتماعي 

- العبسي: الدولة الاتحادية مشروع وطني طموح وكبير، والبدء بخطوات تنفيذه تأخر كثيرا

- المحيا: الدولة الاتحادية جاءت نتيجة نضال شعبي استمر لعقود وتخللته الكثير من التجارب الفاشلة

- الصراري: الدولة الاتحادية تعد ضمانة حقيقية للمواطن اليمني في تحقيق العدالة والمساواة والشراكة الوطنية 

 

 

 

«صحيفة الوطن»: إستطلاع: إيهاب الشرفي

 

بعد مضي أكثر من 3 أعوام على انقلاب ميليشيا الحوثي الإرهابية على الدولة والحكومة الشرعية، وإدخالها البلاد في أتون حرب إقليمية دفع ثمنها الصغير والكبير من اليمنيين، وبعد تنكرها وانقلابها أيضا على مخرجات الحوار الوطني الشامل، والتي أجمعت عليها كل مكونات الشعب اليمني وباركتها السماء ودول العالم إلا إيران ومن هم على شاكلتها، إلا أننا نحاول في هذه السطور تسليط الضوء على واحدة من أهم القضايا التي خرجت بها القوى السياسية وممثلي الشعب اليمني في وثيقة الحوار الوطني الشامل، والتي يتطلع إليها الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه وهي الأكثر أهمية حاليا للمواطن اليمني في جنوب اليمن وشماله وشرقه وغربه على حد سواء، حيث يصفها مراقبون بأنها أكبر خطوة وإنجاز تاريخي للشعب اليمني في العصر الحديث.

 

حديثنا يركز على قضية الدولة الاتحادية الجديدة والنظام الفدرالي الاتحادي، والذي عادة ما تصفه النخبة السياسة بأنها هندسة سياسية للجمع بين متناقضين، حيث يمكن الحفاظ على بقاء الحكومات المحلية والدولة الاتحادية، مع منح الأقاليم والمقاطعات صلاحيات شبه مستقلة، وهو الأمر الذي أثار جدلا واسعا أثناء عقد جلسات الحوار الوطني في العاصمة صنعاء وما تلا ذلك من أحداث وصولا إلى انقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة وعلى كل المكونات الوطنية في اليمن.

 

وفي المقابل يرى فيه محللون وخبراء سياسيون واقتصاديون أن من شأن هذه الهندسة الفدرالية الجديدة أن تمكن اليمن الاتحادي من تحقيق نهضة شاملة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وفي كافة المجالات، بالإضافة إلى النهوض الشامل بالأقاليم الستة وتعزيز قدراتها ومواردها وتمكينها من التنافس فيما بينها، وصولا إلى النهوض بالدولة الاتحادية الجامعة كمحصلة نهائية للتنمية التي ستشهدها الأقاليم، فيما ترى أو تتذرع بعض الأصوات المعارضة متمثلة بالمشروع الحوثي الانقلابي أن الدولة الاتحادية المكونة من 6 أقاليم من شأنها أن تفتت وتقسم الوطن إلى دويلات صغيرة، وهذا ناتج عن مخاوف ميليشيا الحوثي من تلاشي مشروعها الإمامي الذي اصطدم مع تطلعات الشعب الرامية إلى التأسيس لدولة مدنية حديثة قوامها العدل والمساواة وذروة سنامها التنمية والتعليم وغيرها.

 

في الاستطلاع التالي نسلط الضوء على مفهوم الدولة الاتحادية الفدرالية، وإمكانية إشهار إقليم الجند وغيره من الأقاليم في الوقت الراهن، إلى جانب التركيز على مفهوم الدولة الاتحادية ومتطلباتها، وأسباب لجوء القوى السياسية اليمنية إلى خيار الدولة الاتحادية الفدرالية، وفي هذا الصدد التقت «الوطن الاتحادي» عددا من الشخصيات السياسية والقيادات الحكومية، الذين بدورهم أثروا الموضوع بجملة من الرؤى والأفكار الهامة، التي نحن على يقين بأن الشارع اليمني بحاجة ماسة للاطلاع عليها، فإلى الحصيلة:

 

مخرجات الحوار الوطني

 

في البدء التقينا معالي وزير الدولة لشؤون مخرجات الحوار الوطني "ياسر الرعيني" الذي أجاب بالقول: "في الحقيقة إن الإجابة على مثل هكذا تساؤلات، تستدعي أولا الحديث حول مخرجات الحوار الوطني إجمالا والظروف التي استدعت التقاء المكونات السياسية والمجتمعية على طاولة حوار لأول مرة في تاريخ الوطن دون استثناء أحد، بعد أن وصل الوطن إلى حالة انسداد نتيجة لتراكمات عقود من المظالم، والفساد، والاستبداد، والاستئثار بالسلطة والثروة، وغيرها من الممارسات والأخطاء التي ترتب عليها احتقان وغليان مجتمعي عفوي ومنظم، ومن ذلك الحراك الجنوبي السلمي 2007م، ثم الثورة الشبابية الشعبية السلمية 11 فبراير2011م.

 

تطلعات الشباب

 

وتابع "الرعيني" قائلا: قد كان رواد التغيير من الشباب يحدوهم الأمل في بناء يمن جديد يرتكز نظامه على سلطة القانون والعدالة واحترام حقوق الإنسان وصون كرامته وحقوقه، ويتحقق لجميع مواطنيه تكافؤ الفرص والشراكة، ويتحرر فيه الوطن من الفساد والاستبداد والاستئثار بالثروة والسلطة التي خلفت كل هذه الإشكاليات بما فيها الحروب والصراعات.

 

المبادرة الخليجية

 

واستطرد قائلا: "ولتجنيب البلاد الحرب الأهلية، وحفاظا على أرواح الشباب الذين أدمتهم آلة العنف والقمع، وهم يواجهون الرصاص بصدورهم العارية بحثا عن وطن تتضافر جهودهم لبنائه وتنميته، فقد اضطلع الأشقاء في الخليج بمحاولة مساعدة اليمن لتحقيق التغيير بأقل تكلفة عن طريق خارطة طريق للانتقال السلمي للسلطة، وكان ذلك عبر إطلاق المبادرة الخليجية 3 أبريل 2011م والتي سعت فيها دول الخليج لتحقيق مبدأ وفاق بين جميع الأطراف المعنية في اليمن لضمان تحول سياسي آمن، بإشراف الأمم المتحدة، وتم التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في 23 نوفمبر 2011 في الرياض، وتضمنت خطوات محددة للانتقال السلمي للسلطة، حثت في مُجملها على التحضير والتنفيذ لقيام مؤتمر حوار وطني شامل تمثل مخرجاته مدخلات لصياغة الدستور الجديد، يشترك في صياغتها كل المكونات السياسية والمجتمعية، لمعالجة قضايا وطنية جوهرية بما فيها إعادة هيكلة الدولة، وعلى مدى 10 اشهر ناقش أعضاء المؤتمر كافة القضايا التسع وتوصلوا إلى قرارات شكلت الوثيقة الوطنية التي تتضمن ما يزيد عن 1800 من المبادئ الدستورية والقانونية والتوصيات، وكانت تجربة فريدة ليس فقط على مستوى الوطن بل على مستوى المنطقة ككل.

 

دراسة عميقة

 

وأكد "الرعيني" في حديثه: أنه ومن خلال تدارس أعضاء المؤتمر لإشكاليات الماضي، والدراسة العميقة لمضامينها ومحتواها، وأسبابها وآثارها، واستشراف مستقبل تشاركي يرسم أسسا جديدة لدولة يمنية مدنية حديثة، فقد تم الاتفاق على اليمن الاتحادي الجديد القائم على مبادئ الحكم الرشيد والعدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان، وترسيخ دعائم الاستقرار والتنمية المستدامة والشاملة والنهضة في مختلف الجوانب من أجل الشعب اليمني بأكمله، بعيدا عن المناطقية والإقصاء والتهميش والفساد والاستبداد، يتساوى الجميع فيه أمام القانون دون تمييز على أساس النوع أو العرق أو الأصل أو اللون أو الدين أو الطائفة أو المعتقد أو الرأي أو المكانة الاجتماعية.

 

إجماع وطني

 

ويرى الرعيني أن اختيار هذه الرؤية لشكل الدولة، لم تكن عشوائية، بل تم دراستها بعناية فائقة، اشتركت في ذلك كل المكونات السياسية والمجتمعية، كطريق أمثل لمعالجة إشكاليات الماضي وبناء مستقبل مشرق يلبي تطلعات أبناء الوطن التواقة لبناء يمن جديد، يتحقق فيه ترسيخ دور الدولة ومؤسساتها لتكون راعية لاحتياجات ومصالح وتطلعات اليمنيين، وضمان أن تكون هذه المؤسسات مساءلة أمام الشعب، ويتم وضع حد لاحتكار السلطة، وضمان التوزيع العادل للثروة، وكذا تقريب مؤسسات الحكم من المجتمعات المحلية، والتحرر من المركزية وسوء استخدامها، وتقسيم السلطات بين مختلف مستويات الحكم بدءا بالإقليم والولاية وذلك لضمان مشاركة شعبية واسعة وكفؤة وفاعلة في عملية اتخاذ القرار، وتمكينا للحكومات الإقليمية والمحلية من أداء دورها المحدد في الدستور، وبناء على ذلك فإن شكل الدولة "الاتحادية" سيحقق دولة مدنية حديثة ومجتمعا آمنا مزدهرا مستقرا، كما سيحقق نهضة تنموية وشاملة.

 

إنشاء إقليم الجند

 

وفي حديث وزير الدولة لشؤون مخرجات الحوار الوطني ياسر الرعيني، قال إن إقليم الجند هو أحد أقاليم اليمن الستة التي تم الإعلان عنها رسميا في 10 فبراير 2014، ويضم الإقليم محافظتي تعز وإب، وهذا الإقليم من الأقاليم الهامة التي يعول عليها أن تكون نموذجا فاعلا بحكم رأس المال البشري فيه، ومستوى التعليم والثقافة والتأهيل الذي يمتاز به سكان الإقليم، مشيرا إلى أن مجلس الوزراء أقر في وقت سابق بتشكيل لجنة وزارية لإعداد برنامج التهيئة لإنشاء الأقاليم وفقا للمشروع الذي قدمناه إلى المجلس وستقدم اللجنة أعمالها إلى المجلس بعد عيد الأضحى المبارك ليتخذ المجلس القرار ببدء برنامج التهيئة للتحول إلى الأقاليم.

 

فشل الأنظمة السابقة

 

من جانبه أكد وزير الدولة لشئون مجلسي النواب والشورى محمد مقبل الحميري لـ«الوطن الاتحادي» بالقول: أولا نحن جربنا الانفصال وكنا دولتين في وطن واحد، كما أننا جربنا الوحدة الاندماجية، وكلا النموذجيين فشلا فشل ذريعا؛ بسبب التركيبة الاجتماعية والتنوع الثقافي الذي يتمتع به أبناء الشعب اليمني، لذا أجمعت كل القوى السياسية في مؤتمر الحوار الوطني الشامل على الشكل النموذجي الجديد للدولة الاتحادية الجديدة من 6 أقاليم، والتي أصبحت حقا مصيريا يتطلع إليه كل الشعب اليمني من أقصاه إلى أدناه.

 

نماذج عالمية ناجحة

 

وأكد الحميري: إن فكرة الدولة الاتحادية لم تكن وليدة اللحظة أو تجربة منفردة في المنطقة أو العالم، بقدر ما كانت نتيجة دراسة عميقة مستفيدة من نجاح الدولة الاتحادية الفدرالية من النماذج العالمية التي حققت نجاحا باهرا في التنمية والاقتصاد والتغلب على الصراع المناطقي وغيره مثل ألمانيا وأمريكا والصين وغيرهما من الدول التي تغلب على مشكلة الدولة المركزية، وقدمت نماذج رائعة للنجاح الباهر في إطار الاتحاد الفدرالي.

 

التعارض مع المشاريع الطائفية

 

واستطرد الحميري قائلا: وفي الحقيقية إن انقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة كان نتيجة لنجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل وتوافق كل القوى على وثيقة المخرجات، والتي نصت على شكل الدولة الاتحادية، وبالتالي فإن هذا التوافق يتعارض مع المشروع الطائفي الإمامي الحوثي، وإنهاء عقود طويلة من التسلط والمركزية واحتكار السلطة والثروة في مربعات اجتماعية ضيقة.

 

التأسيس لمواطنة متساوية

 

مشيرا إلى أن مشروع الدولة الاتحادية هو مشروع كل الوطن، والذي يحمي حقوق الجميع ويؤسس لمواطنة متساوية بالحقوق والواجبات، كما أنه أصبح من الضرورة بمكان التفاف الجميع حول هذا المشروع ومساندة فخامة الاخ رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي الراعي الأول لمشروع الدولة الاتحادية، وخاصة في ظل هذه الفوضى والدمار التي خلفتها ميليشيا الحوثي، وليس لنا من مهرب سوى نظام الأقاليم في جمهورية اتحادية يتشارك أبناؤها في السلطة والثروة.

 

مطلب مصيري

 

ويرى الحميري أن إقليم الجند هو حق وأصبح مطلبا مصيريا لا يختلف اثنان على أحقيته وتنفيذه على أمر الواقع، إذ أن القناعة تامة والرفض الشعبي والسياسي قائم بشكل قاطع للمركزية، ولا يمكن التراجع أو التنازل عنه، ولكنه يرى أيضا أن ما يخص مسألة الإشهار، فإنها تحتاج إلى تشريعات وقوانين ودستور الدولة الاتحادية الجديدة، لكن هذا لا يمنع أن تتحرك القوى السياسية والاجتماعية في تعز في إطار هذا المشروع كأمر واقع وتمارس ذلك على الأرض، بصفته مشروع وطني بامتياز.


دعوة لأبناء إب

 

وقال الحميري في رسالته لأبناء إب، ندعو إخواننا في محافظة إب إلى التحرك الفعلي والضغط بكل الوسائل المتاحة في سبيل إنجاح المشروع والذي سيعود بالنفع على المحافظتين، ولأن إقليم الجند يحظى بقبول واسع وهو الأكثر وضوحا وقبولا في الشارع العام، ونقول لهم أنتم التوأم الحقيقي لأبناء تعز، ودوركم في ثورة 26 سبتمبر مع أبناء تعز واليمن دور مشهود ويكفي أن "علي عبدالمغني" من أبناء إب، وهو القائد الفعلي لثورة سبتمبر المجيدة.

 

تحييد المشروع السلالي

 

وأضاف قائلا: المطلوب منكم ورغم الظروف القاسية الانتفاضة والتلاحم مع إخوانكم في تعز، ونحن نعلم أن منكم من يقاتل في تعز ومأرب والجوف وكل الجبهات المشتعلة في اليمن، ولكننا نريد منكم أن تخنقوا المشروع السلالي في إب نفسها، بالرغم من تقدرينا للظروف الصعبة وشحة الإمكانيات، إلا أن هناك أساليب كثيرة لرفض هذا المشروع وزلزلة أقدامه في إب الأبية، وأن تتوجه أقلامكم ومواقفكم نحو إشهار إقليم الجند، بصفته مشروعا مصيريا، وكلي ثقة أن إقليم الجند سيُصبِح الإقليم النموذجي لكل أقاليم الوطن.

 

إنهاء المركزية

 

بدوره قال "حمزة الكمالي" وكيل وزارة الشباب والرياضة، في حديثة لـ«الوطن الاتحادي»: إن الدولة الاتحادية هي مشروع يهم اليمن كلها، مشروع يهدف بشكل رئيس إلى إنهاء مركزية الدولة، التي جعلت البلاد كلها لعقود من الزمن في منطقة جغرافية بعينها، مشيرا إلى أن مشروع الدولة الاتحادية يعني كل اليمنيين ولا يعني فئة بعينها دون الأخرى، لأنه وببساطة مشروع وطني كبير، سيتيح لكل اليمنيين إظهار إبداعاتهم فيه بشكل جماعي أو فردي، وسيخلق أجواء تنافسية من شأنها الدفع بعجلة التنمية والتطوير، على أن يطور كل إقليم نفسه بالوسائل والإمكانيات المتاحة والطريقة التي تتناسب مع ذلك.

 

تجديد روح المنافسة

 

يؤكد الكمالي أن تقسيم الأقاليم ركز بشكل رئيس على توزيع عادل للسلطة والثروة والمشاركة من المستوى القاعدي للمواطنين إلى أعلى مستوى، مشيرا إلى أن النظام الفيدرالي يعمل على تجديد روح المنافسة وضبط معايير للكفاءة والاختيار دون اللجوء إلى القوة والسلاح، ويعزز حضور التجربة الديمقراطية في أوسع نطاق بين فئات الشعب، ويدفع الحكومات المحلية المنتخبة إلى تحمل جزء كبير من الأعباء الملقاة على عاتق الحكومة المركزية، ويتيح الفرص أمام تعدد التجارب الاقتصادية والثقافية والسياسية في كل إقليم.

 

قطع المصالح الضيقة

 

وأشار الكمالي إلى أن خروج ميليشيا الحوثي وانقلابها على الدولة والمجتمع يرجع إلى أنهم شعروا بأن مشروع الدولة الاتحادية يقطع عليهم المصالح الضيقة والمشاريع السلالية والطائفية، والانفراد بالسلطة والثروة.

 

إقليم الجند والمصير المشترك 

 

وعن فكرة إنشاء إقليم الجند، قال الكمالي: إن هناك ترابطا تاريخيا بين محافظتي تعز وإب، شكلته الجغرافيا والثقافة الاجتماعية والمصالح السياسية والمصير المرتبط بذلك عبر التاريخ، مؤكدا أن الثروات الطبيعية والمكتسبة الكبيرة للولايتين تشكل رافدا أساسيا لاقتصاد الإقليم، بالإضافة إلى تمتع الإقليم بميناء المخا والمناطق الساحلية وباب المندب الذي من شأنه أن يعزز دور الإقليم وخاصة أن لديه أكبر كادر بشري مؤهل بين الأقاليم الأخرى ويتواجد في كل مكان.


مشروع لا تراجع عنه

 

ويتفق الكاتب اليمني الدكتور "موسى عبدالله قاسم" مع الرؤية الكلية لـ "حمزة الكمالي" بشأن إمكانية إشهار إقليم الجند في الوقت الراهن، حيث يقول في حديثه لـ«الوطن الاتحادي»: إن إشهار إقليم الجند خطوة لا بد منها ومشروع الدولة الاتحادية الذي اتفق عليه اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني لا تراجع عنه، فالدولة الاتحادية هي التي ستحل كل علل اليمن ومشاكله المترسبة منذ قرون، وبالمناسبة فالدولة الاتحادية ليست جديدة على الأرض اليمنية، ففي عصر مملكة حمير كانت اليمن مكونة من 4 أقاليم وكانت اليمن في ذلك العهد في أزهى تطورها وازدهارها؛ مشيرا إلى أن إشهار إقليم الجند في الوقت الراهن غير ممكن لعدة أسباب لعل أهمها هو تمزق جغرافية الإقليم، فتعز لم تتحرر بعد وإب ما تزال محتلة من قبل ميليشيات الحوثي ولذلك إشهار الإقليم في هذا الوقت محكوم عليه بالفشل ولن يحقق شيئا على الأرض عدا إحداث ضجة في الفضاء الإعلامي.

 

حل جذري 

 

ويرى الدكتور موسى أن الدولة الاتحادية هي الحل الجذري لمشاكل اليمن شمالا وجنوبا ونظام الأقاليم نظام جرى اتباعه في اليمن في الماضي سواء كأقاليم أو كمخاليف ولذلك لا مناص من تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وأهمها الدولة الاتحادية بأقاليمها الأربعة، أما تعز فهي مدينة في إقليم، والخير الذي سيعمها سيكون لليمن ككل خاصة بتميزها في الأيدي العاملة المؤهلة، ووجود رأس المال القادر على إحداث نهضة كبيرة في عاصمة الإقليم، هذا بالإضافة إلى ميناء المخا الهام الذي سيكون حجر الزاوية في نهضة الإقليم على كل المستويات.

 

بعد التحرير

 

ويؤكد أن الحكومة الشرعية هي المسؤولة عن إشهار كل الأقاليم في اليمن وفقا للأنظمة والقوانين السارية وهي المخولة في ذلك، لكن هذه الخطوة يفترض أن تتم بعد تحرير اليمن من الميليشيات الانقلابية والوصول إلى حالة الاستقرار التي تسمح بإشهار الأقاليم وانتخاب قياداتها ومسئوليها، وعلى ذلك فدور الحكومة الشرعية هو دور محوري وسيقف اليمنيون خلف شرعيتهم حتى التحرير، ثم إشهار الدولة الاتحادية لليمن الواحد.

 

ضرورة ملحة

 

وفي ذات السياق يرى الدكتور "زياد المخلافي" السكرتير الصحفي لسفير اليمن بماليزيا في حديثه لـ«الوطن الاتحادي» أنه وعند قراءة الأحداث الأخيرة ومن خلال تجربة الدول التي تحكم بنظام الأقاليم يرى المواطن اليمني أن إعلان أو إشهار الأقاليم أصبح ضرورة وخاصه إقليم الجند، وذلك ليشعر المواطن بالمعنى الحقيقي للإقليم، وماهي الفائدة التي ستعم على إقليم الجند عند حكمها حكما ذاتيا بعيدا عن السلطة المركزية، مشيرا إلى أنه من الصعوبة بالوقت الراهن إشهار إقليم الجند، وذلك لأن محافظتي تعز وإب ما زالتا ترزح تحت سيطرة الميليشيات الانقلابية وإن كانت تعز محررة بشكل جزئي إلا أنها ما تزال محاصرة من قبل تلك الميليشيات. 

 

نظام ناجح

 

وعن الشكل الجوهري للدولة الاتحادية، يقول "المخلافي": إن النظام الاتحادي الفدرالي يعد من أفضل التجارب حول العالم، والأنظمة الفدرالية من أكثر الأنظمة نجاحا حول العالم مثل ألمانيا وكندا وأمريكا والصين وغيرها، لذلك فإن إشهار إقليم الجند سيكون له أثر بالغ على محافظتي تعز وإب، فهذا الإقليم يشبه إلى حد ما دولا مثل اليابان وماليزيا وألمانيا، إذ لا ثروات طبيعية فيه، لكنه يزخر بثروات بشرية هائلة من الأطباء والمهندسين والمحامين والإعلاميين والإداريين ورجال الأعمال، وفيه أكبر عدد من المنشآت الصناعية، وميناء المخا التاريخي الذي ينسب إليه المشروب العالمي "موكا كافيه" وهو الإقليم الأقل في المساحة (15 ألف كيلومتر مربع) والأكثر في الكثافة السكانية (370 نسمة لكل كيلومتر مربع) بعدد سكان 5.5 مليون نسمة.

 

فائدة كبيرة

 

ويشير المخلافي إلى أن الفائدة التي ستجنيها المحافظتان ستكون كبيرة إلى حد ما لأن إقليم الجند يحتاج فقط إلى إدارة مدنية، تستفيد من مدنية السكان واتجاههم الكبير نحو العلم والتجارة، ونبذهم السلاح، وتعمل على تفعيل ميناء المخا، وتحسين جودة الخدمات فيه، فهو الأقرب لإقليم آزال والعاصمة من بقية الموانئ، وهذا الأمر تتحمله الحكومة الشرعية في الوقت الراهن، وفي الحقيقية أبناء تعز لن ينسوا أبدا الدور المحوري للشرعية وخاصة أنها تسعى جاهدة إلى إعلان الأقاليم الستة ومن ضمنها إقليم الجند، نتلمس ذلك من خطابات فخامة المشير عبد ربه منصور هادي وكذلك دولة رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر فهم في الطريق الصحيح نحو إعلان الأقاليم وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني. 

 

سلاح لمواجهة الميليشيات

 

من جانبه الصحفي اليمني "حسان الياسري" رئيس التحالف المدني لتسيير وتفعيل مخرجات الحوار الوطني- تعز ، في تصريحاته لـ«لوطن الاتحادي» يرى أن إقليم الجند كان ينبغي إشهاره عقب الانتهاء من مؤتمر الحوار والوطني وقد حصل ما حصل من انقلاب، وفي الوقت الراهن لا يوجد أي موانع من إشهار الإقليم، مشيرا إلى أنه وعلى العكس من ذلك فإن إشهار إقليم الجند، يعد سلاحا لمواجهة عصابة الانقلاب التي أزعجتها مسألة الأقاليم وشعروا معها بفقدان مصالحهم وهيمنتهم على حساب كل أبناء الوطن من خلال الدولة المركزية، مضيفا أن إقليم الجند في الوقت الراهن سيكون له أثر كبير وانتصار بالغ الأهمية لقوى الشرعية على قوى الظلام والرجعية الإمامية.
 
 

إنهاء مشاريع الانفصال

 

أما بالنسبة للدولة الاتحادية يؤكد "الياسري"، أن ذلك أمر مصيري وهو الطريق الوحيد أمامنا للحفاظ على وحدة الوطن ونسيجه الاجتماعي، لأن ذلك سيقطع الطريق على دعاة الانفصال وإعادة الوضع إلى ما قبل مايو 1990م، وكذا  سيقضي على المشروع المركزي للمشروع السلالي والطائفي المتمثل بالمشروع الحوثي، مشيرا إلى ان أيقونة الثقافة الحالمة تعز تعرضت لظلم كبير خلال العقود الماضية ولم تلق حقها في الاهتمام بما يتناسب مع ما تقدمه هذه المدينة التي عرفت بحاملة المشاريع الوطنية لكل أبناء اليمن ناهيك عما تتمتع به من ثروة بشرية وكثافة سكانية على مستوى اليمن والتي تتجاوز الـ 5 ملايين وبالتالي من الطبيعي أن تحتاج هذه المحافظة إلى مشاريع خدمية كبيرة تلبي احتياجات هذا العدد الكبير من السكان.

 

الدعم المالي

 

وطالب "الياسري" الحكومة الشرعية تقديم الدعم المالي والمعنوي للتحالف المدني لتسيير وتفعيل مخرجات الحوار الوطني  في تعز، الذي يعد التصورات والدراسات للإعلان عن إشهار إقليم الجند ويتبنى ذلك في مدينة تعز بالوقت الراهن.

 

تعزيز الثقة

 

المحلل السياسي والصحفي "مروان العبسي" في حديثه لـ«الوطن الاتحادي» يقول إن خطوة تفعيل مؤسسات الدولة في المحافظات المحررة تأخر كثيرا بسبب الحرب، مما أضعف إمكانية الحكومة الشرعية في جانب تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، حيث بات من الأهمية بمكان أن تتلافى السلطة الشرعية هذا الضعف بتبني مشاريع سياسية تعزز الثقة بها محليا أولا.

 

إعداد الأدبيات

 

حيث يؤكد "العبسي"، أن مشروع الدولة الاتحادية مشروع وطني طموح وكبير، والبدء بخطوات هذا المشروع وإعداد أدبياته وقوانينه على مستوى الأقاليم تأخر كثيرا، و كان يجب أن يتم منذ ما بعد الحرب في المناطق المحررة كأحد الأسلحة  في مواجهة الميليشيات الحوثية حاضرا ومستقبلا، مشيرا إلى أن إشهار الإقليم والإعلان عنها رسميا سيصطدم بمعوقات قانونية فإعلان الأقاليم يجب أن يمر أولا بالاستفتاء على دستور الدولة الاتحادية، ولكن هذا لا يعني أن نؤجل كل شيء، فكما أوضحت سابقا تأخرنا في الإعداد والتهيئة الشعبية وتحضير أدبيات التحول إلى نظام الاتحادية والأقاليم لتعزيز هذا النظام وتهيئة الناس للقبول والدفاع عنه في مرحلة الحوارات السياسية ما بعد الحرب والتي ربما تحرمهم الكثير من امتيازات هذا النظام المنصوص عليها في مخرجات الحوار الوطني ومسودة الدستور بعد أن دفع الشعب وخصوصا في تعز ضريبة كبيرة جدا من الدماء والجراح والحصار دفاعا عن مشروع الدولة. 

 

نتيجة لنضال شعبي

 

الصحفي والناشط اليمني "هشام المحياء" وفي حديثه لـ«الوطن الاتحادي» قال: بداية يجدر الإشارة إلى أن الدولة الاتحادية جاءت نتيجة نضال شعبي واسع استمر لعقود بعد أن فشل النظام في الشمال وفي الجنوب قبل الوحدة ومن بعدها نظام الوحدة الاندماجية في تحقيق أهداف ثورتي سبتمبر و أكتوبر، حيث استحوذ 2% من الشعب على الموارد والثروات وظهرت طبقة برجوازية وازدادت الهوة بين الفقراء والأغنياء ونتيجة لذلك ارتفعت معدلات البطالة والفقر والجهل وانتشر الفساد بشكل مخيف، وبالتالي تأتي فكرة الدولة الاتحادية بأقاليمها الستة كخيار أخير ومصيري، أجمعت عليه القوى الوطنية لحل المشاكل المختلفة، مؤكدا أن شكل الدولة الجديد سيعتمد على مبدأ العدالة والمساواة وتوزيع الثروة والسلطة والتي من خلالها سيتحمل كل إقليم مسئولية تنمية نفسه. 

 

ترسيخ مداميك الدولة الاتحادية

 

وفي ذات السياق يعتقد المحياء بالنسبة لمسألة إعلان إقليم الجند هل حان أم لا؟ أنه كان من المفترض أن يتم إشهاره ومثله بقية الأقاليم في المناطق المحررة قبل فترة، لكن أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي، مشيرا إلى أنه من الواجب على الحكومة في الوقت الراهن أن تقوم بخطوات لترسيخ مداميك الدولة الاتحادية عبر التهيئة المجتمعية إعلاميا وثقافيا، وإفساح المجال أمام قيادات الأقاليم لتطبيق مخرجات الحوار الوطني وحتى يتسنى لها فعل ذلك يجب أن تلتزم الحكومة بمبدأ تقسيم الثروة والسلطة كما هو في مخرجات الحوار، وإعطائهم النسبة المحددة لهم من الثروات السيادية والموارد المحلية، الأمر الذي سينعكس إيجابيا على التنمية والازدهار الكبير في  مختلف الأقاليم بما فيها إقليم الجند. 

 

ضمانة لحقوق المواطن

 

المحامي والناشط الحقوقي "علي الصراري" في تصريحاته لصحيفة الوطن الاتحادي، يؤكد أن جوهر الدولة الاتحادية يكمن في أنه يعتبر ضمانة حقيقية للمواطن اليمني في تحقيق العدالة والمساواة والشراكة الوطنية بعد أن حرم منها لعقود من الزمن، وكذا يعتبر مشروع الدولة الاتحادية حجر العثرة أمام احتكار السلطة والإقصاء والتهميش التي تعرضت لها المجتمعات اليمنية المختلفة لاسيما وأن المواطن اليمني قد ذاق ويلات الإقصاء خلال الفترات الطويلة الماضية من الحكم في اليمن.

 

التعويض عن الحرمان

 

يشير الصراري إلى أن فترات الظلام الماضية، حرمت المواطن اليمني من ثرواته وأفقرته وجوعته، وما من سبيل آخر لاستعاضة ذلك إلا من خلال الدولة الاتحادية الفدرالية، وكذا بتطبيق مخرجات الحوار الوطني الشامل التي استطاع العقلاء في اليمن من خلالها أن يصلوا إلى حل جذري لجميع المشاكل المتراكمة في اليمن، حيث تم التوافق على تلك المخرجات التي تخلص إلى بناء دولة اتحادية كلنا بحاجة إليها.

 


وفي الأخير يتوجب القول إن الالتزام الجمعي في الأوساط السياسية والاجتماعية والثقافية، بالمفاهيم والمضامين العلمية العامة للدولة الاتحادية والآلية التوافقية التي اتفق والتزم الفرقاء بالعمل بها لبناء واستكمال البنية التحتية للدولة الاتحادية المزمع قيامها في إنشاء المؤسسات الاتحادية وتشريعاتها اللازمة، فإننا على ثقة بأن هيكلة الدولة الجديدة على هذا النحو الموضوعي والعقلاني السليم وفي إطار الأقاليم الستة سوف يسهم بفعالية كبيرة في تجنيب اليمن ويلات الحروب والصراعات المناطقية، بل إنه الضامن الوحيد للدولة بشكلها الجديد وللمواطن في إنهاء السلطة الفردية والمركزية، وهي الضامن الوحيد للحفاظ على الوحدة الوطنية. 

 

وننوه إلى أن لدى إقليم الجند كل مقومات النجاح والنهوض بالإقليم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ويمتلك طاقة بشرية ضخمة من شأنها إعلاء شأن الإقليم والتي تتمثل في الكادر العلمي والثقافي والاقتصادي في محافظة تعز ولدى إقليم الجند مقومات التنمية السياحية والبشرية في محافظة إب، إضافة إلى الميناء التاريخي ميناء المخا في تعز الذي سيكون محرك الاقتصاد والتجارة في هذا الإقليم، وخلاصة القول إن إقليم الجند يستطيع أن يكون نموذجا علميا واقتصاديا وثقافيا متميزا بين الأقاليم اليمنية لما يملكه من مقومات النجاح.

* نقلا: عن صحيفة «الوطن» الصادرة اليوم.

متعلقات