الاكحلي يكشف تفاصيل وكواليس مشاورات لندن
السبت 11 أغسطس 2018 الساعة 21:23
اورد الناشط رأفت الاكحلي على اللغط حول المشاركة في هذه الاجتماعات وعلق عليه في منشور كتبه على صفحته بالقول :" ثار لغط كبير حول هذه المشاورات، سواء من قبل المواطنين الذين يعانون من ويلات الحرب وأصابهم الإحباط وفقدان الأمل وأصبحوا يشككون في أي جهود لإيقافها (ولهم كل الحق في ذلك)، أو من قبل بعض الجهات والأشخاص الذين قاموا بفبركة أخبار من الخيال حول ما دار في المشاورات (أكيد بعد تخزينة قات محترمة!)، أو من قبل الأطراف السياسية اليمنية والإقليمية الذين هاجموا الاجتماع بشدة في السر والعلن خوفاً (بدون مبرر) من خروج الأمور من أيديهم وعدم سيطرتهم الكاملة على ما سيتم طرحه بالاجتماع وعلى من يتم دعوته إلى الاجتماع".
واوضح الاكحلي أهم النقاط والقضايا التي تم طرحها ومناقشتها في هذه المشاورات مؤكدا أن عملية التشاور مع شرائح مختلفة من المجتمع هي عملية مستمرة يقوم بها دائما المبعوث (سواء الحالي أو السابق) ومكتبه للاستماع إلى آراء ووجهات نظر مختلفة حول القضايا التي يعملون عليها، وهي عبارة عن عصف ذهني مشترك لطرح الأفكار.
وقال في سياق منشوره : قد يرى البعض أن هذه الفعاليات والاجتماعات مضيعة للوقت وللأموال، فيما يرى آخرون أنها مهمة للخروج من التفكير الأحادي ومن سيطرة أطراف معينة على كل ما يطرح من أفكار، وتظل هذه الآراء ووجهات النظر حول هذه الفعاليات محل نقاش.
واورد الاكحلي القضايا التي تم مناقشتها في هذا الاجتماع :
1- النقاش حول خيارات تصميم العملية السياسية: هل يتم تقسيم العملية إلى مراحل مختلفة؟ هل يتم طرح كل القضايا على طاولة الحوار في نفس الوقت أم يتم تجزئة القضايا، وإذا تم تجزئة القضايا فهل يتم تقسيمها على المراحل المختلفة؟ مثلا هناك من يطرح ضرورة مناقشة القضية الجنوبية أو شكل الدولة أو الأقاليم كأحد قضايا المفاوضات من البداية، فيما يطرح اخرون أن تقتصر المفاوضات على وقف الحرب وشكل المرحلة الانتقالية التي تناقش بقية القضايا...إلخ. من الذي يجب تمثيله في المفاوضات؟ هل تقتصر على الحكومة والحوثيين؟ هل يكون المؤتمر الشعبي العام جزء منها؟ إذا كان كذلك فمن هم ممثلي المؤتمر الشعبي العام؟ هل يكون الحراك الجنوبي جزء منها؟ إذا كان كذلك فمن هم ممثلي الحراك الجنوبي؟ هل يكون ممثلي المحافظات مثل مأرب وحضرموت جزء منها؟ كل هذه الخيارات وغيرها في كيفية تصميم العملية السياسية.
- النقاش حول ضرورة إشراك أكبر عدد من فئات المجتمع
اليمني في المشاورات وفي طرح الأفكار وكمجموعات دعم، وهنا يبرز تحدي إشراك المجموعات غير المنظمة (مثل الشباب والنساء والمجتمع المدني)، وما هو الدور الذي يجب أن يلعبوه. وقد طرحت رأيي في أكثر من فعالية أننا يجب أن نشدد دائما على أن الإشراك لا يعني بالضرورة التمثيل، بمعنى لكي أشرك الشباب أو النساء لا يعني أنه يجب أن يكون هناك مقعد لشاب أو لإمرأة على طاولة الحوار، لأنه لا يوجد أي الية منطقية لاختيار هذا/ه الشاب أو المرأة فنحن لسنا في انتخابات لكي تنتخب هذه المجموعات ممثليها ولا يحق لأحد أن يدعي حصرية تمثيل أي من هذه المجموعات، وبالتالي ما يجب التركيز عليه هو إشراك هذه المجموعات في طرح ارائها عبر قنوات أو فعاليات مختلفة (مثل الاستبيانات أو النقاشات سواء عن طريق الانترنت أو على الأرض) وهذا ما يجب على المجموعات النسائية أو الشبابية أو منظمات المجتمع المدني التركيز عليه بدلا من التسابق على مقعد في الطاولة ودور القائمين على عملية السلام هو توفير المعلومات والقنوات والاستفادة من مخرجات هذه الفعاليات. وهذا بالطبع لا يلغي ضرورة أن يتم الضغط على الأطراف السياسية لضم النساء والشباب المنتسبين إليهم في قوام وفودهم الرسمية.
3- النقاش حول أهمية إشراك الشخصيات العامة والاعتبارية من خارج أطراف الصراع كجهة استشارية وداعمة لمسار السلام، ومرة أخرى يبرز تحدي كيفية تحديد وإشراك هذه الشخصيات.
4- في اجتماع لندن هذا الأسبوع تحديداً تم مناقشة الوضع في الحديدة وتعز بشكل مستفيض. في موضوع الحديدة كان التركيز على كيفية ربط الوضع في الحديدة والجهود التي بذلها المبعوث هناك مع المسار السياسي العام. وتم التركيز على معاناة المواطنين في الحديدة منذ سنوات طويلة والتي اشتدت في الأشهر السابقة نظرا لشدة العمليات العسكرية هناك، وطرح المشاركون المختلفون رؤاهم حول ما تم في الحديدة حتى الان وحول السيناريوهات المتوقعة سواء عسكريا أو سياسيا بخصوص الحديدة. أما بخصوص تعز تم الطرح من جميع المشاركين بضرورة أن يتم التركيز على تعز وتخفيف معاناة أهلها وهناك جهود كثيرة ستبذل من أجل تعز إن شاء الله في الفترة المقبلة من قبل الشخصيات والجهات المختلفة.
5- تم كذلك طرح ومناقشة ضرورة فتح مطار صنعاء والذي لا يوجد أي مبرر منطقي للاستمرار في إغلاقه، وضرورة الضغط على جميع الأطراف لتجنيب المدنيين والبنية التحتية من أي عمليات عسكرية.
6- كما تم طرح المعاناة التي يسببها انقطاع الرواتب، وضرورة أن يقوم الحوثيون والحكومة بتحمل المسؤولية والعمل على دفع الرواتب في كافة أنحاء الجمهورية
7- كما تم مناقشة الوضع الحالي في الجنوب والقضية الجنوبية بأبعادها المختلفة.
8- كان هناك نقاش طويل حول أهمية الملف الاقتصادي، وضرورة أن تشمل عملية السلام مسارا خاصا لمعالجة الملف الاقتصادي نظرا لارتباطه المباشر بمعاناة اليمنيين اليومية، والبحث عن طرق المعالجات الاقتصادية وتجفيف موارد اقتصاد الحرب وتجار الحروب والذين لهم مصلحة في إطالة الحرب.
9- وأخيراً وليس آخراً تم مناقشة ضرورة البدء بالتخطيط لما بعد الحرب، رغم صعوبة ذلك إلا أنه إذا لم يتم التفكير والنقاش والتخطيط لما بعد الحرب فسيأتي اليوم الذي تتوقف فيه الحرب لا محالة ولا يجب أن نضيع أشهر وسنوات عند حلول ذلك اليوم للتفكير في قضايا يمكن البدء فيها من الان مثل أولويات أي حكومة قادمة وقضايا إعادة الإعمار وكيفية إعادة تأهيل واستيعاب المقاتلين وبالذات الشباب وغيرها من القضايا.
وفي الأخير أحب أن أكرر موقفي وموقف المجموعات الشبابية التي أعمل معها أن الدور الأهم اليوم هو البناء بدلا عن الهدم، والتقريب بدلا عن التنفير، والبحث عن الحلول بدلا عن تسعير الحرب. وأتمنى أن يركز جميع متابعي صفحتي الأعزاء على هذه النواحي ولا ينجروا إلى مؤامرات تمزيق النسيج الاجتماعي في اليمن الذي سيلتئم شملنا جميعا فيه وسنعيد بناءه سوية بعد توقف الجنون الحاصل. ليس هناك أسهل من تبني المواقف الأحادية والمتطرفة والقائمة على الأيديولوجيا الثابتة، فهي تغني من يتبناها عن الحاجة إلى التفكير العميق اليومي فيما يحدث من حوله، وتسهل له ثقبا واحدا ينظر من خلاله إلى العالم من حوله، ويردد بعدها ما يتم تلقيمه من قبل من يتبعهم، وليس هذا ما يرتضيه الله سبحانه وتعالى فنعوذ بالله أن نكون ممن "لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا" فنصبح كالأنعام أو اضل. ليس هناك أسهل من الرضوخ للمغريات المتكررة والضغوطات المتتالية من الأطراف المختلفة لتبني شعاراتها ومواقفها، ولكننا لسنا ملزمين أن نختار بين السيء والأسوأ، وعلينا جميعاً أن نبقي مصلحة وحياة وكرامة الإنسان اليمني فوق كل الاعتبارات السياسية الأخرى.
متعلقات