مثل «الغريق الذي يتعلق بقشة» تعلقت بك لأني فعلاً كنت أغرق في دوامات الحياة .. مضت أعوام كثيرة قبلك كانت بالنسبة لي مجرد أرقام لم تعنِ لي شيئاً.
كنت أقضي كل يوم بيومه أستمتع بما هو متاح ولا أهتم لشيء .. حتى ذلك اليوم الذي وجدتني واقفاً أمام وجهى في المرآة أدركت لحظتها أني لم أعد أنا تلك الصغيرة الشقية.
بدا لي أن شيء ما صدع الروح وإرتسمت ملامح الحزن في عيناي، و اشتعل الرأس شيبآ .. حينها أدركت أنى إمتهنت الحزن الذي أصبح مرافقاً لي كظلي لا يفارقني الا مسلما اياي لسواد الليل الكئيب.
دون سابق إنذار ظهرت أنت كنجم بدد عتمة ذلك الليل البهيم .. ووجدتني أحاول جاهدة التمسك بذلك الضوء عله يزيح عني وحشة الليالي والأيام .. ويوقف سيل الدموع التي رافقتني على الدوام.
دعني افسر لك مالم تسطع أنت تفسيره: «الزنن» انه جزء من خوفي خوف الفقد .. نعم لقد تملكني الرعب من أن تنكسر تلك القشة التي تشبثت بها لأغرق مرة اخرى في دوامات الحياة .. وفي الحقيقة لم يكن خطأك ولكنها الأقدار.
أعلم أنك تعشق تلك القوية الواثقة بذاتها التي قابلتها، وأغرمت بها - لكن يا عزيزي لكلا منا جانب مظلم .. وهذا هو جانبي الذي أحاول حبسه عن كل البشر .. لا أريد ولا أطيق أن يعلم أحد نقاط ضعفي .. لكنني اتجرد من كل اسلحتى بين يديك.
انا يا سيدي عالقة في شباك الشك وعدم الثقة بالآخرين .. ثقتي بالعالم أجمع منعدمة بإستثنائك أنت وحدك .. أدركت أني أثق بك منذ الوهلة الأولى للقاءنا، منذ أن دسست جزء من الفرح في جيب أحزاني دون علمي، منذ إبتسمت لك من دون سبب .. ومنذ بدأت السعادة تتملكني كلما رأيتك .. علمت يومها أنك توغلت الى أعماقي وتربعت على عرش قلبي.
لا أخفيك بعدها بدأت أشعر بوجع في أعماق الروح كلما غبت عني .. وبإعتقادي أنك تذكر تلك الليالي التي أمضيناها سويا وأنا أسرد لك قصصي المبعثرة ، واسهابي في ذكر التفاصيل .. ودللتك على مكامن الألآم التي تسكنني.
كنت متفرداً في إصغائك وعظيماً في إحتضانك لكل مشاكلي بصغرها وكبرها .. حينها أيقنت أنك وحدك ستغير مجرى حياتي .... و اني اجاهد ان اكون حبيبة تمحى جراحك ما استطعت سبيلا.
لكنني يا سيدي لا زلت مصابة بداء خلفه من سبقك .. أعلم أنني أبالغ أحيانا في تصوير بعض الأشياء .. و لا اخفيك سراً كثيرا ما اشعر بتأنيب الضمير لأنك انت لا حول لك ولا قوة.
واليوم ها أنا ذا أمامك أتجرد من كل شيء .. أكشف لك الماضي والحاضر والآتي أبثك كل لواعج النفس والروح . ولتعلم أولاً وأخيراً أنني لا أريد منك سوى أن تغفر لي خوفي منك و بك و عليك ، وأن تدس حلوى الفرح في جيوبي المعتقة بالحزن.
أعلم أنه قد لا يعنيك وليست مهمتك في الحياة تطبيب أوجاع الآخرين .. لكن لتقم بذلك من أجلي و شريطى أن يكون ذلك بدافع من اعماق قلبك .. و إن كان ذلك من باب الشفقة انا أعفيك تماما.
أدرك أن لطريق ليس سهلاً .. لكننا يا عزيزي إن عزمنا السفر سوياً سنتمكن بلا شك من قطعه سريعاً بين الركض والمرح .. ولا ضير إن بكينا أحيانا على أكتاف بعض .. وقضينا الليالي متشابكي الأيادي والأحلام والأماني .. ويوما ما سنصبح ما نري.