دمج المقاومة بالجيش
عقب تحرير عدن، أعلنت الحكومة الشرعية البدء بدمج المقاومة الشعبية في إطار الجيش الوطني لاعتبارات وطنية هامة، منها ما يتعلق بالمقاومين أنفسهم، لضمان حقهم الوطني، وتتويجًا لجهودهم وتضحياتهم في الدفاع عن الوطن، ومنها ما يتعلق بالمصلحة الوطنية العليا، والتي بدمجهم في إطار الجيش الوطني، ستتلاشى كل المسميات، وتذوب الانتماءات السياسية والمناطقية، بدلًا من تعدد الولاءات، وحفاظًا عليهم من الاستقطاب من قبل الجهات والجماعات التي لا ترغب في استعادة وجود الدولة، فدمجت آلاف المقاومين في الجيش الوطني، وأعادت تدريبهم وتأهيلهم، بدعم من التحالف العربي، لتتلاشى بذلك القرار كافة المسميات، ويصبح الجيش اليمني هو الاسم الوحيد لكافة الوحدات، تأتمر بأمر قيادة واحدة، ممثلة في وزارة الدفاع، إضافة إلى دمج بعضها في إطار وزارة الداخلية.
مسميات جديدة
ظلت بعض الوحدات في عدد من المحافظات الجنوبية خارج هذا الإطار، وبدأت في تنفيذ أجندة خارج إطار الشرعية، نتيجة التعبئة المناطقية والولاء غير الوطني لتلك القوات، والتي أمسكت جهاز الأمن في عدد من المحافظات، بما فيها العاصمة المؤقتة.
ونتيجة للتعبئة المناطقية وتعدد الولاءات لتلك الوحدات، بدأت تمارس أعمالًا عدائية بحق سكان المحافظات التي تتواجد فيها، على أساس مناطق وسياسي، كما بدأت مسلسل التصفية الجسدية والاغتيالات، الذي المئات من أئمة المساجد ورجال الأمن، والشخصيات المؤثرة في المجتمع.
وعلى الرغم من الجهود الحكومية المبذولة في هذا المجال، ظلت تلك الوحدات، بشكل فردي أو جماعي، تمارس البطش والتنكيل بحق المواطنين على أساس مناطقي وجهوي، ذات توجه أيديولوجي مجهول الملامح، حيث قتل في ظلها المئات من أئمة المساجد والدعاة، على أساس طائفي كما يبدو، وستظل التهمة تلاحق تلك الجهات الخارجة عن السلطة الشرعية، والتي أبت أن تتولى زمام الأمور في إطار دولة، بعيدًا عن المليشيات.
مهاجمة الحكومة
استغلت تلك الجهات، الانفلات الأمني والاغتيالات التي تتحمل مسؤوليتها هي دون غيرها، لأنها تمسك زمام الملف الأمني في العاصمة المؤقتة عدن – على سبيل المثال – لشن حملات إعلامية ضد الحكومة الشرعية، متهمة إياها بالفشل في الجانب الأمني – خصوصا – وتحاول كل يوم تأليب الرأي العام ضد الحكومة، لأهداف ومئارب سياسية، وتنفيذ أجندة ومشاريع خاصة.
وكما استغلت، تلك الجهات، امتلاكها السلاح لتحقيق مشاريع خاصة، استغلت أيضًا المناصب القيادية في الدولة لتحقيق الهدف ذاته، وتحميل الحكومة الشرعية مسؤولية الفشل الأمني، بينما تحكم قبضتها على هذا الملف.. ولعل المحاولة الانقلابية أواخر يناير الماضي، تؤكد هذا الرأي.
من المسؤول؟
يظل هذا التساؤل في ذهن القارئ والمتابع للأحداث في العاصمة المؤقتة عدن – على وجه الخصوص – والمحافظات الجنوبية على وجه العموم، بحكم أن الحكومة يجب أن تتخذ الحل النهائي لمشكلة الأمن في تلك المناطق، بينما تواجه الحكومة رفض تلك القوى لمشروع دمج كافة الوحدات في إطار وزارتي الدفاع والداخلية، لكنها ليست عاجزة عن معاملة كافة القوات الخارجة عن سيطرتها “مليشيات متمردة” ليتم التعامل معها بالطريقة التي تتعامل مع المليشيات في مختلف المناطق.
تسعى الحكومة الشرعية منذ تحرير العاصمة المؤقتة عدن، لتوحيد كافة القوات في إطار وزارتي الدفاع والداخلية، لعدة أسباب، أبرزها ما أكدتها تصريحات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر في أكثر من مناسبة، والتي أكد فيها على أن إصرار الحكومة على بناء جيش وطني مهمته الأولى هزيمة الانقلابيين ، والتنظيمات الإرهابية، ممثلة في “القاعدة وداعش” وهو إصرار نابع من “إيماننا العميق بأن ذلك هو إرادة الغالبية من أبناء اليمن، وأنه يحقق مصلحة كبرى لأبناء الوطن جميعاً، وأنه قبل ذلك وبعده مطلب أبناء عدن ولحج والضالع الذين يراقبون أداء وحداتنا العسكرية، وأكثر من ذلك أيضاً هو مطلب الأبطال من جنود الجيش والأمن البواسل الذين هم دون غيرهم دفعوا ثمن الصراعات المناطقية، ويكادون يدفعونها من جديد ” بحسب تعبير رئيس الوزراء.
وتشير تصريحات رئيس الوزراء في أكثر من مناسبة وطنية، إلى التأكيد على أن معظم مآسينا إنما حدثت بسبب تهاون القادة في المضي بثبات نحو بناء جيش وطني حقيقي يدافع عن الوطن، ويحمي المجتمع، ويحقق الإستقرار الدائم المنشود..جيش يساهم في عملية التنمية، يحمي ويدافع وينتج.
وتظل جهود الحكومة مستمرة لإعادة دمج كافة الوحدات في إطار وزارتي الدفاع والداخلية، لتحقيق الأمن والحفاظ على تلك الوحدات من الاستقطاب والولاءات غير الوطنية لبناء الدولة الاتحادية العادلة التي أجمع عليها اليمنيون كافة.
المصدر: الوطن نيوز