تعرف على ثلاثة كتب نقدية لثلاثة روائيين عالميين ..«تفاصيل»
الاثنين 23 ابريل 2018 الساعة 19:00
متابعات خاصة:
ليس من النادر في تاريخ الأدب أن نجد روائيين وكتاب قصة قصيرة يعمدون بين الحين والحين إلى ممارسة عملية النقد الأدبي، وذلك من خلال الكتابة عن أدباء من الماضي أو أدباء معاصرين لهم، أو كتابة مراجعات للكتب في الصحف والمجلات، أو في ثنايا يومياتهم الخاصة أو مراسلاتهم مع الآخرين. هنا تتبادر إلى الذهن – في الأدب الإنجليزي وحده - أسماء هنري جيمز وفرجينيا ولف ود هـ لورنس وإ م فورستر وديفيد لودج، وغيرهم. وفي أدبنا العربي الحديث ثمة روائيون وكتاب قصة قصيرة كتبوا نقداً كثيراً، مثل إبراهيم المازني، ويحيى حقي، وإدوار الخراط، ويوسف الشاروني، وعلاء الديب وجبرا إبراهيم جبرا، وغالب هلسا، وآخرين.

وخلال عام 2017 صدر عدد من كتب الروائيين النقاد أتوقف هنا وقفة قصيرة عن ثلاثة منهم، هم: إليزابيث بوين الآيرلندية من مواليد مدينة دبلن، وج م كويتزي روائي جنوب أفريقيا الذي أصبح اليوم مواطناً أسترالياً، ومارتن آميس الإنجليزي (وهو ابن الروائي والشاعر والناقد كنغزلي أميس) ويعد – إلى جانب إيان ماكوين - ألمع روائي إنجليزي اليوم.

أول هؤلاء الكتاب إليزابيث بوين، الروائية وكاتبة القصة القصيرة، رحلت عن عالمنا في 1973، لكن كتابها المسمى «وزن عالم من الشعور: مراجعات ومقالات» (الناشر: مطبعة جامعة نورث وسترن، 418 صفحة) لم يصدر إلا خلال العام الماضي (2017) بتحرير آلان هبرن.

وكتابها هذا الذي يجمع شمل كتاباتها المتفرقة ينتهي بمقالة مؤرخة في 1971 – قبل وفاتها بفترة قصيرة عن ثلاثة وسبعين عاماً - موضوعها رواية الروائي الإنجليزي ج ج فاريل المسماة «الاضطرابات» (1970)، وهي رواية تدور أحداثها في فندق في آيرلندا عقب الحرب العالمية الأولى إزاء خلفية من العنف الطائفي والصراع بين البروتستانت والكاثوليك، بين الإنجليز والقوميين الآيرلنديين.

ومن أهم مقالات بوين مقالة مسماة «نصيحة لكاتب شاب» (1949). لقد كانت تؤمن بأن قوة العمل القصصي إنما تكمن فيما يتضمنه من فكر مستقل، وفي الوقت ذاته ينبغي أن يظل «ممتعاً» شريطة أن «يكون لما يقال معنى». وأهم شيء في الكتابة الجيدة هو «الطاقة وأمانة إيمانها – دون دفاعات - بالإنسان». وعندها أن هدف الرواية هو أن تقدم «تقريراً غير شعري لحقيقة شعرية»، وأنه «ما من تقرير لهذه الحقيقة يمكن أن يكون نهائياً». لقد كانت – كما تقول عنها دينا بيرش - ذات عقل قاطع لا يهاب شيئاً.

والكتاب الثاني في قائمتنا هو كتاب «مقالات متأخرة 2006 - 2017» (الناشر: هارفيل سيكر، 304 صفحة) لمؤلفه ج م كويتزي

كتبت كيت وين في «ملحق التايمز الأدبي» (22 سبتمبر/أيلول 2017) مراجعة لكتاب كويتزي هذا الجديد فلاحظت أن كل من يكتب عنهم هنا رجال باستثناء مقالة واحدة عن كاتبة امرأة هي إيرين نميروفسكي. إن الكتاب يضم مقالات عن غوته، وبكيت، وفيليب روث، والروائي الأسترالي باتريك هوايت، وقد نشر الكثير من هذه المقالات في «مجلة نيويورك لعرض الكتب» (نيويورك رفيو أوف بوكس).

كذلك، يضم الكتاب مقالات عن الشاعر البولندي زبجنيو هربرت، ودانيل ديفو (يدعوه كويتزي «رائد الرواية الواقعية»)، والشاعر الألماني كلايست، وليو تولستوي، وناثانيل هوثورن، وجوستاف فلوبير، وفورد مادوكس فورد.

وقد تزامن صدور الكتاب مع احتفال أقيم في مكتبة جامعة لندن يومي 5 - 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2017 تكريماً لكويتزي، حيث قرأ مختارات من أعماله تلتها معزوفة لباخ قدمتها عازفة البيانو كاثرين موزلي، وعازف التشيللو جوزيف سبونر.

والكتاب الثالث من تأليف مارتن آميس عنوانه «عائق الزمن: بيلو ونابوكوف وهتشنز وترافولتا وترمب: مقالات وتحقيقات صحافية: 1994 - 2106» (الناشر: كيب، 368 صفحة)

يضم الكتاب أهم مقالات أميس في السنوات العشرين الأخيرة ويتناول كما هو واضح من عنوانه أدباء وفنانين وسياسيين: الروائي الأميركي اليهودي سول بيلو الحاصل على جائزة نوبل للأدب في 1976، فلاديمير نابوكوف الروائي روسي المولد أميركي الجنسية صاحب رواية «لوليتا»، هتشنز وهو صحافي وكاتب أميركي، الممثل السينمائي والتلفزيوني الأميركي جون ترافولتا، الرئيس الأميركي دونالد ترمب. هذا إلى جانب مقالات عن الروائية الإنجليزية جين أوستن، والروائية أيريس ميردوك، والروائي الأميركي جون أبدايك، وكاتب قصص الخيال العلمي ج. ج. بالارد، والروائي الأميركي فيليب روث، والشاعر الإنجليزي فيليب لاركن، ومقالة عن كتاب «إنجليزية الملك» لكنغزلي أميس (والد ناقدنا. من يشهد للعروس؟) ومقالة عن لعبة التنس.

وأميس (الذي أرى أنه ينبغي تناول أحكامه بحذر) يعد سول بيلو أعظم روائي أميركي (يخصه بثلاث مقالات هنا) وكذلك نابوكوف (يخصه بثلاث مقالات أخرى) زاعما أنه لا يعلوهما في المكانة سوى شكسبير! ويثني على الناقد الكندي نورثروب فرأى (وأهميته غير منكورة) صاحب كتاب «تشريح النقد» (1957) واصفاً إياه بأنه «فيلسوف – ملك أدين له بالولاء». بينما يقدح في الناقد الإنجليزي العظيم ف ر ليفيس مجرداً إياه من كل مزية. والأرجح أن هذا نتيجة خلافات شخصية، حيث إن ليفيس (محقاً في رأيي) كان في مناسبات عدة قد ندد بكنغزلي أميس والد المؤلف.

والرأي عندي، أن أميس ليس بخير النقاد ولا هو كان خليقاً أن يكون خير الأكاديميين، وإنما هو – في أحسن الأحوال - ناقد ذكي لامع واسع الاطلاع يتمتع بحس الفكاهة، لكن قامته لا تكاد تسامي - أو حتى تقارب - قامات نقاد كبار يكتبون اليوم مثل كرستوفر ريكس الإنجليزي وجورج ستاينر الأميركي.

متعلقات