قريباً .. قمة عربية للثقافة والتنوير ..«تفاصيل»
السبت 21 ابريل 2018 الساعة 20:20
متابعات خاصة:
أعلنت القمة العربية، التي اختتمت في الظهران هذا الأسبوع، ترحيبها بدعوة السعودية إقامة «قمة ثقافية» عربية، وأعرب القادة العرب في وثيقة «إعلان الظهران» الصادرة عن القمة، عن أملهم في أن تسهم هذه القمة «في دفع عجلة الثقافة والتنوير وإذكاء جذوة القيم العلمية والأخلاقية العربية الأصيلة للحاق بركب الثقافة الذي تخلفت عنه الأمة جراء الحروب والفتن والقلاقل».

تهدف القمة لدفع عجلة الثقافة والتنوير، وهما رهان الحاضر والمستقبل للخروج من حالة المراوحة والتخلي عن أسباب النهضة والتقدم. بل هما شرطان لازمان للتحرر من قيود التخلف والرجعية وتغييب دور العقل. هما أيضاً يشكلان ملاذاً للتخفيف من حدة التطرف الفكري والنزاعات الدموية القائمة على ادعاء الحقيقة واحتكارها.

يوّصف بيان القمة، الحال بالقول: إن القمة الثقافية تسعى «للحاق بركب الثقافة الذي تخلفت عنه الأمة جراء الحروب والفتن والقلاقل»، فالحروب لم تدمر الإنسان والبنيان فقط، ولكنها دمّرت المحتوى الأخلاقي والقيمي والروحي أيضاً. غياب الثقافة، خصوصاً في جانبها التنويري، هو الآخر جعلنا مشدودين للوراء، تعيش أجسادنا في الحاضر، ولكن عقولنا ما زالت متسمرة في الماضي، بخرافاته وتخيلاته، وبطولاته، تحّن إلى الركون إلى ما اعتادت عليه، وتقاوم الرغبة في التحرر والانطلاق ومصافحة المستقبل.

لا يمكن لأي مشروع يسعى للتحديث والتقدم، وهو يعتمد على عقول متصلبة ومتحجرة ومسكونة بالهواجس يعمل أصحابها حراساً للتراث وخزاناً لسيرة الأولين. الخائفون على الهوية والخصوصية لا يمكنهم إلا أن يظلوا حُرَّاساً على أبواب المقابر، والتقدم بحاجة إلى التحرر من الأغلال والأصفاد... الثقافة للتنوير، يعني القطيعة مع كل ما يقيّد العقل ويسجن الفكر ويحدّ من صناعة التغيير.

لقد ضيّع العرب فرصاً كثيرة للاستجابة لسؤال الحداثة والتنوير، وكانت انتكاسة مشروع النهضة بدايات القرن الماضي من أكبر خسائرهم الثقافية. يرسم المؤرخ والمفكر العربي سيّار الجميّل صورة بانورامية لمسيرة التنوير في العالم العربي (مجلة الفيصل نوفمبر /تشرين الثاني/ 2016): «سيقول مؤرخو العرب بعد مئات السنين: إنّ العربَ قد عاشوا في القرن العشرين رغم كلّ تناقضاتهم السياسية والفكرية؛ أزهى أزمنتهم الحديثة، بعد أن أحيت فيهم مشروعات النهضة مجالات العقل والاستنارة والإبداع، وأنهم قد نفضوا عنهم غبار الماضي، وخرجوا من سكون أكفان القرون التي سبقت اللحظة الزمنية للقرن العشرين ليلبسوا أثواباً جديدة، وقد أبدعوا بعد أن انفتحت عقولهم، وتعاملوا مع أصالتهم، وخلقوا لهم أشياء جديدة لم يكونوا يعرفونها من قبل، بل إنهم انسجموا مع مشروعهم النهضوي ويقظتهم الفكرية، وناضلوا من أجل أن يكون لهم مكانهم تحت الشمس، لكنهم انتكسوا انتكاسات مريرة عند نهايات القرن العشرين، ودخلوا زمناً اختلفوا فيه عن أزمنة استنارتهم النهضوية، بافتقادهم الوعي بالتقدّم، فتغيّرت حالاتهم، وتبدّلت أوضاعهم، وازدادت تناقضاتهم وباتوا يكره بعضهم بعضاً، وأخذوا يزيفون تاريخهم، ولم يتعلّموا منه شيئاً، فهم لم يتوقفوا عن مشروعهم واستنارتهم فحسب، بل تراجعت خطاهم تراجعاً مخيفاً».

متعلقات